إدلب - بيروت - خاص:
كشفت معلومات موثوقة تلقتها جهات دبلوماسية في أكثر من عاصمة عربية وغربية معنية بالوضعين اللبناني والسوري وارتباطهما بالمشروع الإيراني في شقه المتعلق بالمخططات الهادفة الى اختراق العقوبات الأميركية على النظامين السوري والإيراني وأذرعهما والالتفاف عليها.
وتركز هذه المعلومات على دور المنظومة المالية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة "قانون قيصر"، وعلى دور حزب الله وغيره من منظومات الحرس الثوري الإيراني في اختراق العقوبات الأميركية الهادفة الى تجفيف مصادر تمويلها.
وبحسب هذه المعلومات فإن كلاً من منطقة إدلب السورية ومناطق الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع اللبناني باتت "جزراً مالية واقتصادية" أساسية يستخدمها التحالف السوري – الإيراني لتمويل حروبهما وحاجاتهما الى العملات الصعبة لا سيما الدولار الأميركي.
إدلب
وتقوم خطة النظام السوري على التركيز على العمل في منطقة إدلب للتعويض عما كان يحصل عليه من الدولارات الأميركية من خلال الأسواق اللبنانية، بعدما أدى انهيار الوضع الاقتصادي والنقدي والمالي في لبنان، وتدابير مراقبة خروج الودائع من لبنان التي اتخذتها المصارف اللبنانية الى إقفال الثغرات التي كان يستخدمها التجار السوريون لفتح اعتمادات الاستيراد الى الأسواق السورية عبر لبنان.
ويراهن النظام السوري على وجود كميات كبيرة من العملات الأجنبية في المناطق الخارجة عن سيطرته في إدلب نتيجة للمساعدات النقدية التي يتلقاها النازحون في تلك المنطقة سواء عبر المنظمات الدولية أو عبر أهاليهم وأقاربهم الموجودين في المغتربات، ويبحث عن الوسائل الكفيلة بامتصاص هذه العملات وسحبها الى داخل المناطق الخاضعة لسيطرته.
وتنشط عمليات التهريب في الاتجاهين، بحيث ينقل العاملون في شبكات النظام السوري كميات كبيرة من الليرة السورية لاغراء حاملي العملات الاجنبية في ادلب بتبديل ما يملكونه من هذه العملات بالليرة السورية بأسعار مرتفعة.
ويسعى الموالون للنظام السوري الى تركيب شبكة من التجار داخل إدلب تطالب بفتح معابر مع المناطق التي يسيطر عليها النظام بحجة تصريف المنتجات الزراعية التي تنتجها المنطقة من دون أن تجد الأسواق الكافية لاستهلاكها مما يؤدي الى انخفاض اسعارها أو كسادها. ويحاول هؤلاء تشكيل حالة ضاغطة داخل إدلب في هذا الاتجاه بحجة تعزيز صمود المنطقة وتأمين متطلبات الحياة لأبنائها واللاجئين إليها من خلال التبادل التجاري الذي يسمح ليس فقط بتصريف المنتجات المحلية، وإنما بالحصول على ما هو غير متوافر فيها بأسعار مقبولة من مناطق النظام.
لبنان
أما على الساحة اللبنانية فقد كشفت التحقيقات أن حزب الله يعمل من خلال شبكة من الصرافين على امتصاص السيولة بالدولار الأميركي والعملات الأجنبية من الأسواق اللبنانية من خلال المضاربة على سعر صرف الليرة اللبنانية.
وفي ظل شح السيولة بالدولار الأميركي في المصارف تعمل شبكة حزب الله على جمع العملات الأجنبية التي يحتفظ بها اللبنانيون في منازلهم أو تلك التي يسحبونها بكميات قليلة من المصارف، أو تلك التي يتلقونها من تحويلات أقاربهم في الخارج عبر شركات التحويل الالكتروني.
وقد دفع انكشاف هذه العمليات بالمصرف المركزي اللبناني الى اتخاذ تدابير تضمن احتفاظه بالدولارات التي يتم تحويلها الى الليرة اللبنانية في الأسواق المحلية، وقطع الطريق على منظومة حزب الله الناشطة في هذا المجال.
وعلى الرغم من اتخاذ السلطات القضائية اللبنانية تدابير قضت بتوقيف عدد من الصرافين الذين يعملون من ضمن شبكات حزب الله لوضع اليد على العلات الأجنبية في الضاحية الجنوبية لبيروت، فإن نشاط الحزب في هذا المجال لم يتوقف نهائياً بعد، خصوصا من خلال الصرافين غير الشرعيين العاملين في الخفاء في بيروت والجنوب والبقاع والذين يرتبطون بآخرين في الشمال وجبل لبنان.
وكشفت معلومات الأيام القليلة الماضية عن سكة تهريب كبيرة تتولى نقل ما يقارب الأربعة ملايين ليتر من المازوت يومياً من لبنان الى سوريا عبر المعابر الحدودية غير الشرعية على امتداد السلسلة الشرقية لجبال لبنان التي يسيطر عليها حزب الله.
ويستفيد حزب الله من كون المحروقات المستوردة الى لبنان تحظى بدعم المصرف المركزي الذي يؤمن الدولارات لاستيرادها من احتياطاته بالسعر الرسمي البالغ 1507 ليرات، في حين يتولى الحزب الاستفادة من فارق الأسعار من خلال بيعها في سوريا بما يؤمن له مداخيل تقارب النصف مليون دولار يومياً.
يذكر أن حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة كان قد أعلن قبل أيام أن مجموع المبالغ السنوية التي تخرج من لبنان للاستيراد بلغت خلال السنوات الخمس الماضية 16 مليار دولار سنويا في حين ان حاجة لبنان لا تتعدى ال 12 مليار في أقصى الحدود، مما يعني أن هناك عشرين مليار دولار خرجت من الأسواق اللبنانية على مدى السنوات الخمس الماضية لمستوردات ليست للأسواق اللبنانية.
وجاءت الخطة الاقتصادية الانقاذية التي أقرتها الحكومة اللبنانية قبل يومين لتشير الى أن حاجة لبنان ستكون في غضون السنوات المقبلة بحدود 10 مليار دولار سنوياً لتؤكد رسمياً ولو في شكل غير مباشر الفجوة الكبيرة التي يستغلها حزب الله للحصول على الدولارات والعملات الصعبة بطرق غير شرعية في إطار برامجه للالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة عليه وعلى كل من سوريا وإيران.