دمشق - بغداد - خاص:
تلتقي مجموعة من التقارير الدبلوماسية التي تستند الى معلومات ميدانية متقاطعة من كل من لبنان وسوريا والعراق وايران على التحذير من تحركات ميدانية وتحضيرات أمنية وعسكرية تقوم بها إيران مباشرة ومن خلال أذرعها في محاولة لاحتواء ما تعتبره هجمة عربية – دولية لتحجيم حضورها خارج حدودها.
وبحسب المعلومات فإن إيران بدأت تستشعر بوادر تسوية أميركية – روسية في سوريا تنتهي بإزاحة الرئيس السوري بشار الأسد، مع ما يعنيه ذلك من تشليح طهران الورقة الاساسية التي سعت الى الإمساك بها منذ انتصار ثورة الخميني في العام 1979، من خلال التحالف مع نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد، وهو تحالف استمر وترسخ مع نجله الرئيس الحالي بشار الأسد الذي يدين ببقائه في الحكم لإيران وميليشياتها.
وانطلاقاً من هذه المعطيات فقد سارعت القيادة الإيرانية الأسبوع الماضي الى إرسال وزير خارجيتها، محمد جواد ظريف الى دمشق للقاء الرئيس السوري بشار الأسد وتحذيره مما يستهدفه، والتفاهم معه على خطة للمواجهة تشمل النواحي المالية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.
ويبدو أن معالم هذه الخطة قد بدأت بالتبلور مع وضعها قيد التنفيذ منذ ايام من خلال حملة يشنها النظام السوري على كل الذين يمكن أن يشكلوا خياراً بديلاً لخلافته، أو الذين يبدون تحفظات على طريقة إدارة الأزمة في سوريا بعدما بلغت العقوبات والضغوطات حدوداً باتت تهدد قدرة النظام على الاستمرار، وتجعله أكثر ارتهاناً للميليشيات والمصالح الإيرانية في سوريا، على حساب المنظومة الأمنية والمالية والاقتصادية المحسوبة تقليدياً على النظام.
وفي هذا الإطار يأتي انفجار الخلافات التي كانت حتى الأمس القريب داخل الجدران المغلقة للعائلة ومنظومتها، لا سيما بعدما خرج الملياردير السوري رامي مخلوف ابن خالة الرئيس بشار الأسد عبر وسائل التواصل الاجتماعي شاكيا الضغوطات الأمنية التي يتعرض لها للتنازل عن ثروته وعن إدارة عشرات الشركات التي يملكها وفي مقدمها شركة "سيرياتيل" للهاتف الخلوي.
فرامي مخلوف الذي كان يعتبر بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد، كما كان يعتبر والده محمد مخلوف بالنسبة الى الرئيس الراحل حافظ الأسد، أحد أركان الطائفة العلوية والنظام السوري، والذراع المالي والاقتصادي الأساسي للنظام، بات في دائرة الاستهداف بعدما رفض تمويل مشروع الحرس الثوري الإيراني في سوريا نتيجة لشح الأموال الذي تعاني منه إيران بفعل العقوبات الأميركية والدولية، ونتيجة للانهيار المالي الذي يعاني منه النظام السوري بفعل انهيار الوضع المالي والنقدي والاقتصادي في لبنان الذي كان يشكل المتنفس المالي والاقتصادي للنظام السوري، وفي ظل العقوبات الأميركية المتعاظمة على النظام السوري من خلال "قانون قيصر".
ويبدو ان هذه الخطوات المالية في سوريا هي نموذج لما يخطط حزب الله لتطبيقه في لبنان من خلال الحكومة التي يمسك بقراراتها، بدءاً بوقف دفع ديون لبنان الخارجية والداخلية، مروراً بوضع اليد من خلال شبكة من الصرافين على كمية كبيرة من العملات الأجنبية المتداولة في الأسواق اللبنانية أو تلك التي سحبت من المصارف، وبتزخيم "الاقتصاد الموازي" و"الاقتصاد النقدي" الذي يؤمن لحزب الله مداخيل كبيرة، وصولا الى ما وصف ب"أنه الخطة الإقتصادية الإنقاذية" التي أقرتها الحكومة اللبنانية والتي تتضمن مصادرة لقسم من أموال المودعين، ومحاولة لوضع اليد على المصارف التجارية وأملاك الدولة وغيرها من التدابير التي يمكنها أن تساعد حزب الله على الالتفاف على العقوبات الأميركية والمضي في تمويل مشروعه لإحداث تغييرات بنيوية وديموغرافية في المجتمع اللبناني، وتمويل منظومته العسكرية والأمنية والاجتماعية والتربوية التي يستخدمها في لبنان والمنطقة لتنفيذ الاستراتيجية الإيرانية.
وفي موازاة المخططات المالية والاقتصادية، أشارت المعلومات الى محاولات تقوم بها إيران مباشرة وعبر أذرعها في سوريا والعراق ولبنان لإعادة تحريك خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ومتفرعات تنظيم القاعدة، ولاختراق التظاهرات الشعبية السلمية في كل من العراق ولبنان بهدف تحويلها الى أعمال شغب وتخريب بما يبرّر قمعها بالقوة.
وتسعى إيران والنظام السوري لاعادة استنساخ مرحلة إطلاق "داعش" في سوريا قبل سنوات لتحويل الأنظار عن فكرة إسقاط الرئيس بشار الأسد بحجة محاربة التطرف والإرهاب.
أما في العراق فتسعى إيران الى تقوية "الحشد الشعبي" بحجة مواجهة "داعش"، على حساب الحكومة العراقية وأجهرتها الشرعية الأمنية والعسكرية في محاولة للالتفاف على أي سعي عملي قد يقوم به رئيس الحكومة الجديد مصطفى الكاظمي لتنفيذ وعوده ببسط سلطة الدولة بقواتها الشرعية على كامل أراضيها.
وسط هذه الأجواء، يتخوف سكان الرمادي من زعزعة الاستقرار في مناطق البوغانم والسوره والصوفيه واسجاريه واغلب مناطق الرمادي من خلال خلايا تابعة لتنظيم داعش، بعدما سهّل الإيرانيون انتقال إعداد من الهاربين من سجون قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مع عائلاتهم الى داخل مدينة الرمادي ومحيطها حيث ينتشرون في مناطق شعبية وريفيه تسهل عليهم التخفي بحجة كونهم من النازحين.
في المقابل، يعمل مسلحو كتائب حزب الله ولواء الطفوف وعصائب أهل الحق وسرايا عاشوراء وميليشيا الإمام علي الموالون لإيران على تعزيز وجودهم في محافظة الأنبار العراقية القريبة من الحدود السعودية، وخصوصاً المناطق الحدودية في عرعر والقائم والنخيب.
ويهدف هذا الانتشار الى تحقيق هدفين:
-الأول: تغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة التي يغلب عليها الطابع السني من خلال السيطرة على اقتصادها واختراق الحياة السياسية فيها بواسطة بعض المتعاونين، وصولاً إلى فصلها إدارياً عن محافظة الأنبار وضمها لكربلاء.
-الثاني: بناء قواعد عسكرية للانطلاق منها برا نحو الحدود السورية والسعودية والأردنية.
وكانت تقارير أمنية قد كشفت عن قيام إيران والميليشيات الموالية لها ببناء قاعدة متقدمة للحرس الثوري الإيراني في صحراء الرطبة في مواجهة قاعدة "عين الأسد" التي تتمكز فيها القوات الأميركية، وتسيطر من خلالها على عقدة الطرق التي تربط البصرة بالأنبار.